زكرياء للثقافة العامة زكرياء للثقافة العامة

أصل دين الإسلام





أصل دين الإسلام:



الأصل : هو الأساس وأصل الشئ يعني أساسه وما ينبنى عليه غيره. 

أصل دين الإسلام وهو أول ما بُعثت به الرُسل ودعوا إليه أقوامهم المشركين وأول ما يُطلب من المكلف : عبادة الله وحده والكفر بكل ما يعبد من دون الله تعالى وهذا هو معنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله . وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة تبين هذا الأصل وتوضحه:

قال تعالى :( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) 

وقال تعالى:( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) 

وقال تعالى:( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) 

قال تعالى:( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) 

روى مسلم عن طارق بن أشيم رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حُرم دمه وماله وحسابه على الله).

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له : " إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ـ وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله". 

وما رواه الشيخان عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لعلي بن أبي طالب : ( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً ، خير لك من حُمُرِ النِّعَم).

وفى الصحيحين أيضا عن أبى هريرة وجابر وابن عمر رضى الله عنهم :(بُنى الإسلام على خمس أن يوحد الله ويكفر بما دونه).

قال ابن حزم رحمه الله : " وقال سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقاداً  لا يشك فيه وقال بلسانه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن كل ما جاء به حق وبرأ من كل دين سوى دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك . " 

فالتوحيد هو أول ما دعا إليه الأنبياء على الإطلاق , لم يدعوا إلي صلاة أو صيام قبله ، بل كان أول ما يدعون إليه دائماً وأبداً (أعبدوا الله ما لكم من إله غيره). 

هذه الكلمة العظيمة  "لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه" تتكون من شقين :

الشقّ الأول:الإثبات: إثبات الإلهيه لله تعالى وحده أي :أن الله تعالى هو المعبود بحق وحده سبحانه؛ ولا يستحق العبادة سواه. (الإيمان بالله).

والشقّ الثانى : النفى أي نفى الإلهية-العبادة- عما سوى الله عز وجلّ.(الكفر بالطاغوت).

قال تعالى :( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) والعروة الوثقى هى لا إله إلا الله .

فيتبين من الآية أن الكفر بالطاغوت هو شطر "لا إله إلا الله" والإيمان بالله هو الشطر الثانى.وأن من آمن بالله ولم يكفر بالطاغوت، أو كفر بالطاغوت ولم يؤمن بالله لا يكون قد استمسك بالعروة الوثقى وشهد أن لا إله إلا الله.

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)
قال محمد بن عبد الوهاب :" فقوله : وكفر بما يعبد من دون الله تأكيد للنفي، فلا يكون معصوم الدم والمال إلا بذلك، فلو شك أو تردد لم يعصم دمه وماله. 

و اعلم أن الإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى : (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)، فالرشد هو دين  محمد صلى الله عليه وسلم- ، والغي هو دين أبي جهل، والعروة الوثقى شهادة لا إله إلا الله وهي متضمنة للنفي والإثبات تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له". اهـــــ 

وتأمل كيف قدم الله ذكر الكفر بالطاغوت واجتنابه على الإيمان به، والإنابة إليه سبحانه، تماما كما قدم النفي على الإثبات في كلمة التوحيد" لا إله إلا الله"، وما ذلك إلا تنبيهاً على هذا الركن العظيم من هذه العروة الوثقى، فلا يصح الإيمان بالله ولا ينفع إلا بالكفر بالطاغوت أولاً.

والطاغوت لغة: مشتق من طغى يطغى طغْيا، ويطغو طغيانا؛ جاوز القَدْرَ وارتفعَ وغَلا في الكفر، وكل شيء جاوز القدر فقد طغى قال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ).

وفى الاصطلاح الشرعى:  وردت له عدة تعريفات من أشملها تعريف الإمام ابن القيم رحمه الله :(الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها؛ رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى طاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته)اهــــ. 

وقال ابن جرير الطبري فى تعريف الطاغوت: (والصواب من القول عندي في "الطاغوت"؛ أنه كل ذي طغيان على الله، فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا، أو صنما، أو كائنا ما كان من شيء)اهـــــــ. 

قال الشيخ سليمان بن سحمان النجدي: (الطاغوت ثلاثة أنواع: طاغوت حكم وطاغوت عبادة وطاغوت طاعة ومتابعة)اهــــــــ. 

فنقول ان كل من رفع نفسه إلى مرتبة الأُلوهية أو رفعه الناس إلى ذلك فرضي بذلك فهو طاغوت، وكل متبوع من العلماء تجاوز حَدَّهُ؛ وحَدُّهُ إتباع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا تجاوز حده في التحليل والتحريم من دون الله تعالى؛ يعني: أن يحلل ما حرمه الله؛ أو يحرم ما أحله الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فهو طاغوت.. وكل مطاع ممن له سلطة تجاوز حده؛ وحده تنفيذ شرع الله تعالى والأمر بطاعة الله وطاعة رسوله وسياسة الدنيا بالدين؛ فإذا تجاوز حده فأمر بمعصية الله تعالى أو شرع للناس قوانين تحكمهم ويلزمهم بها مخالفة لما جاء به المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم فهو إذن طاغوت.

صفة الكفر بالطاغوت: 

1/ أن تعتقد بطلان عبادة غير الله: ودليلُ ذلك  قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ). 

2/ وتتركها: ودليلُ ذلك قوله تعالى (والَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَاد)ِ. 

3/ وتبغضها: ودليلُ ذلك قوله تعالى(وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ). 

4/ وتكفر أهلها: ودليلُ ذلك قوله تعالى(قُلْ يَا أيُّهالكَافِرُون) .وقوله: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ). 

5/ وتعاديهم: ودليلُ ذلك قوله تعالى (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده)

6/ وتقاتلهم عند المقدرة: ودليلُ ذلك قوله تعالى (فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ). وأئمة الكفر هم الطواغيت.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: "فالحنفاء أهل التوحيد؛ اعتزلوا هؤلاء المشركين لأن الله أوجب على أهل التوحيد اعتزالهم، وتكفيرهم، والبراءة منهم، كما قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام: (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً)، إلى قوله: (فلما أعتزلهم وما يعبدون من دون الله)مريم 48-49 وقال: {إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} الممتحنة: 4، وقال عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف.).. الآية16، فلا يتم لأهل التوحيد توحيدهم، إلا باعتزال أهل الشرك، وعداوتهم وتكفيرهم، فهم معتزلة بهذا الاعتبار؛لأنهم اعتزلوا أهل الشرك، كما اعتزلهم الخليل إبراهيم عليه السلام".اهــــــــ

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:"ومعنى الكفر بالطاغوت، أن تبرأ من كل ما يعتقد فيه غير الله، من جني أو إنسي أو شجر أو حجر أو غير ذلك، وتشهد عليه بالكفر والضلال، وتبغضه ولو كان أباك و أخاك.

فأما من قال أنا لا أعبد إلاَّ الله، وأنا لا أتعرَّض السَّادة والقباب على القبور وأمثال ذلك، فهذا كاذب في قول لا إله إلاَّ الله، ولم يؤمن بالله، ولم يكفر بالطاغوت".اهـــــــ 

وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى:"والمراد من اجتنابه - أي الطاغوت - هو بغضه، وعداوته بالقلب، وسبَّه وتقبيحه باللسان، وإزالته باليد عند القدرة، ومُفارقته ، فمن أدعى اجتناب الطاغوت ولم يفعل ذلك فما صدق" اهـــــ.

أما صفة الإيمان بالله : يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:" وأما معنى الإيمان بالله : فأن تعتقد، أن الله هو الإلَه المعبود وحده، دون من سواه وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص، وتواليهم، وتبغض أهل الشرك، وتعاديهم ؛ وهذه : ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها ؛ وهذه : هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله 

قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده)اهــــــــ.

هذا هو أصل دين الإسلام فمن حققه نجا من الخسران وفاز برضا الرحمن وأُدخل الجنان ومن لم يحققه خُلد في النيران مع أبي لهب وأبي جهل وسائر أهل الكفران.

فكل من أعتقد إعتقاداً جازماً بأن الله هو معبوده الحق وأن كل من عُبد من دونه هو الباطل وتبرأ من العابد والمعبود من دون الله كما أخبر سبحانه عن ابراهيم عليه السلام وقومه (إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله) بأن أعتقد كفرهم وبغضهم بقلبه وقبل كل ماجاء به الشرع ورد كل ماشرعه الطاغوت فقد حقق الإسلام وأستمسك بالعروة الوثقى.

فالدخول في الإسلام لابد فيه من  البراءة من جميع طوائف الكفر والشرك سواء كانت هذه الطوائف  طرقاً صوفية أو أدعياء سلفية بجميع تقسيماتهم أوإخوانية وسرورية وجميع الطواغيت سواء كانوا حُكاماً كالأنظمة الطاغوتية العربية والأعجمية وكزعماء الأحزاب وكهان الطرق الصوفية وكل من لم يُحقق التوحيد والبرأة كذلك ممن لايكفرهم. 

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى كلامه عن حديث من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله:( وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال بل ولا معرفة معناها مع لفظها بل ولا الإقرار بذلك بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه فيا لها من مسألة ما أجلها ويا له من بيان ما أوضحه وحجة ما أقطعها للمنازع )

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

زكرياء للثقافة العامة

2016